responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل السلام نویسنده : الصنعاني، أبو إبراهيم    جلد : 2  صفحه : 656
(1393) - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَحَبَّةُ زَوَالِ نِعْمَةِ الْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى الْحَاسِدِ، وَهَذَا غَايَةُ الْحَسَدِ أَوْ مَعَ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ أَوْ انْتِقَالِ مِثْلِهَا إلَيْهِ، وَإِلَّا أَحَبَّ زَوَالَهَا لِئَلَّا يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوَّلًا مَعَ مَحَبَّةِ زَوَالِهَا، وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ مِنْ الْحَسَدِ إنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَالْمَطْلُوبُ إنْ كَانَ فِي الدِّينِ انْتَهَى، وَهَذَا الْقِسْمُ الْأَخِيرُ يُسَمَّى غَيْرَةً، فَإِنْ كَانَ فِي الدِّينِ فَهُوَ الْمَطْلَبُ وَعَلَيْهِ حَمَلَ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ» الْمُرَادُ أَنَّهُ يَغَارُ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ فَيَقْتَدِي بِهِ مَحَبَّةً لِلسُّرُورِ فِي هَذَا الْمَسْلَكِ، وَلَعَلَّ تَسْمِيَتَهُ حَسَدًا مَجَازٌ، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْحَسَدِ وَأَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَنِسْبَةُ الْأَكْلِ إلَيْهِ مَجَازٌ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ.
وَقَوْلُهُ (كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ) تَحْقِيقٌ لِذَهَابِ الْحَسَنَاتِ بِالْحَسَدِ كَمَا يَذْهَبُ الْحَطَبُ بِالنَّارِ وَيَتَلَاشَى جُرْمُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ دَوَاءَ الْحَسَدِ الَّذِي يُزِيلُهُ عَنْ الْقَلْبِ مَعْرِفَةُ الْحَاسِدِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِحَسَدِهِ الْمَحْسُودَ فِي الدِّينِ وَلَا فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ يَعُودُ وَبَالُ حَسَدِهِ عَلَيْهِ فِي الدَّارَيْنِ إذْ لَا تَزُولُ نِعْمَةٌ بِحَسَدٍ قَطُّ، وَإِلَّا لَمْ تَبْقَ لِلَّهِ نِعْمَةٌ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى نِعْمَةُ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يُحِبُّونَ زَوَالَهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ الْمَحْسُودُ يَتَمَتَّعُ بِحَسَنَاتِ الْحَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ مِنْ جِهَتِهِ سِيَّمَا إذَا أَطْلَقَ لِسَانَهُ بِالِانْتِقَاصِ، وَالْغِيبَةِ وَهَتْكِ السِّتْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْإِيذَاءِ فَيَلْقَى اللَّهَ مُفْلِسًا مِنْ الْحَسَنَاتِ مَحْرُومًا مِنْ نِعْمَةِ الْآخِرَةِ كَمَا حُرِمَ مِنْ نِعْمَةِ سَلَامَةِ الصَّدْرِ وَسُكُونِ الْقَلْبِ وَالِاطْمِئْنَانِ فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا تَأَمَّلَ الْعَاقِلُ هَذَا عَرَفَ أَنَّهُ جَرَّ لِنَفْسِهِ بِالْحَسَدِ كُلَّ غَمٍّ وَنَكَدٍ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ.

[الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ أَعْظَم النَّاسِ قُوَّةً]
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ» بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى زِنَةِ هُمَزَةٍ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ أَيْ كَثِيرُ الصَّرْعِ «إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِالشَّدِيدِ هُنَا شِدَّةُ الْقُوَّةِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَهِيَ مُجَاهِدَةُ النَّفْسِ وَإِمْسَاكُهَا عِنْدَ الشَّرِّ وَمُنَازَعَتُهَا لِلْجَوَارِحِ لِلِانْتِقَامِ مِمَّنْ أَغْضَبَهَا، فَإِنَّ النَّفْسَ فِي حُكْمِ الْأَعْدَاءِ الْكَثِيرِينَ وَغَلَبَتْهَا عَمَّا تَشْتَهِيه فِي حُكْمِ مَنْ هُوَ شَدِيدُ الْقُوَّةِ فِي غَلَبَةِ الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرِينَ فِيمَا يُرِيدُونَهُ مِنْهُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَاهِدَةَ النَّفْسِ أَشَدُّ مِنْ مُجَاهِدَةِ الْعَدُوِّ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ أَعْظَمَ النَّاسِ قُوَّةً.
وَحَقِيقَةُ الْغَضَبِ حَرَكَةُ النَّفْسِ إلَى خَارِجِ الْجَسَدِ لِإِرَادَةِ الِانْتِقَامِ، وَالْحَدِيثُ فِيهِ إرْشَادٌ إلَى

نام کتاب : سبل السلام نویسنده : الصنعاني، أبو إبراهيم    جلد : 2  صفحه : 656
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست